السبت، 20 مارس 2010

العلم العلم يا شباب الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد: اعلم - رحمني الله وإياك - أن العلم الذي فيه المدح والثناء هو علم الشرع علم ما أنزله الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من الكتاب والحكمة . قال الله تعالى : ((قل هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب)) {سورة الزمر ، الآية: 9} . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين" (1) . وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر" (2) . ومن المعلوم أن الذي ورثه الأنبياء إنما هو علم الشريعة، ومع هذا فنحن لا ننكر ان يكون للعلوم الأخرى فائدة ، ولكنها فائدة ذات حدين: إن أعانت على طاعة الله وعلى نصر دين الله وأنتفع بها عباد الله كانت خيراً ومصلحة ، وقد ذكر بعض أهل العلم أن تعلم الصناعات فرض كفاية وهذا محل نظر ونزاع. وعلى كل حال فالعلم الذي الثناء فيه وعلى طالبيه هو فقه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عدا ذلك فإن كان وسيلة إلى خير فهو خير ، وإن كان وسيلة إلى شر فهو شر، وإن لم يكن وسيلة لهذا وهذا فهو ضياع وقت ولغو. من فضائل العلم والعلم له فضائل كثيرة: 1/ منها: أن الله يرفع أهل العلم في الآخرة وفي الدنيا، أما في الآخرة فإن الله يرفعهم درجات بحسب ما قاموا به من الدعوة إلى الله والعمل بما عملوا، وفي الدنيا يرفعهم الله بين عباده بحسب ما قاموا به قال الله تعالى: ((يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات)) {سورة المجادلة، الآية: 11} . 2/ ومنها : أنه إرث النبي صلى الله عليه وسلم كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً إنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر". 3/ ومنها : أنه مما يبقى للإنسان بعد مماته فقد ثبت في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات العبد أنقطع عمله إلا من ثلاث صدقة جارية، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح"(3) . 4/ ومنها : أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرغب أحداً أن يغبط أحداً على شيء من النعم إلا على نعمتين هما: النعمة الأولى: طلب العلم والعمل به. النعمة الثانية: الغني الذي جعل ماله خدمة للإسلام ، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "لا حسد إلا في أثنتين رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق ، ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها" (4) . 5/ ومنها: أن العلم نور يستضيء به العبد فيعرف كيف يعبد ربه وكيف يعامل غيره، فتكون مسيرته في ذلك على علم وبصيرة. 6/ ومنها : أن العالم نور يهتدي به الناس في أمور دينهم ودنياهم ، ولا يخفى على كثير من الناس قصة الرجل الذي من بني إسرائيل قتل تسعاً وتسعين نفساً فسأل رجلاً عابداً هل له من توبة . فكأن العابد أستعظم الأمر فقال: "لا" فقتله السائل فأتم به المئة ، ثم ذهب إلى عالم فسأله فأخبره أن له توبة وأنه لا شيء يحول بينه وبين التوبة، ثم دله على بلد أهله صالحون ليخرج إليه فخرج فأتاه الموت في أثناء الطريق ، والقصة مشهورة . فأنظر الفرق بين العالم والجاهل. إذا تبين ذلك فلابد من معرفة من هم العلماء حقاً ، هم الربانيون الذين يربون الناس على شريعة ربهم حتى يتميز هؤلاء الربانيون عمن تشبه بهم وليس منهم ، يتشبه بهم في المظهر والمنظر والمقال والفعال، لكنه ليس منهم في النصيحة للخلق وإرادة الحق ، فخيار ما عنده أن يلبس الحق بالباطل ويصوغه بعبارات مزخرفة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ، بل هو البدع والضلالات الذي يظنه بعض الناس هو العلم والفقه وأن ما سواه لا يتفوه به إلا زنديق أو مجنون. وهؤلاء هم أئمة أهل البدع المضلين الذين يلمزون أهل السنة بما هم بريئون منه ليصدوا الناس عن الأخذ منهم ، وهذا إرث الذين طغوا من قبلهم وكذبوا الرسل كما قال الله تعالى: ((كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول الله إلا قالوا ساحر أو مجنون)) {سورة الذاريات، الآية : 52} . قال الله تعالى : ((أتواصوا به بل هم قوم طاغون)) . {سورة الذاريات، الآية: 53}. ولهذا أوصي شباب الإسلام أن يكونوا حريصين على التفقه في الدين، ومن استطاع طلب العلم الشرعي فلا يفوت الفرصة. والله أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين


نقلاً بتصرف يسير من شرح الأصول الستة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ص 163-168 ---------------------------------------------------- 1) أخرجه البخاري - كتاب العلم - باب من يرد الله به خيراً، ومسلم - كتاب الزكاة - باب النهي عن المسألة . 2) أخرجه الإمام أحمد [5/196]، وأبو داود [3641]، والترمذي [2681]، وابن ماجه [223]، والدارمي [338] والبغوي في شرح السنة [1/275] برقم [129]، والهيثمي في موارد الظمآن [80]، قال الحافظ في الفتح [1/160]: وله شواهد يتقوى بها . 3) أخرجه مسلم - كتاب الوصية - باب ما يلحق الإنسان من الثواب بعد الوفاة . 4) رواه البخاري - كتاب العلم - باب الاغتباط في العلم والحكمة، ومسلم - كتاب المسافرين من كتاب الصلاة - باب من يقوم بالقرآن ويعلمه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق