الطالب: أحسن الله إليكم هذا سائل يقول : لا يوجد في بلادنا علماء ، يقول أنا طالب علم نتعرض إلى الأسئلة ما توجيهكم ؟
الشيخ: يتعرض إلى إيش ؟
الطالب: بعض الأسئلة من العوام .
الشيخ: الأسئلة . نعم الحمد لله الآن كثرت وسائل طلب العلم لكن على طالب العلم أن يتخير وأن يحرص، أن يأخذ العلم عن أهله، عن العلماء الربانيين الذين ينفون عن كتاب الله جل وعلا تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، كما يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :"يحمل هذا العلم من كل خلَف عدوله ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين"، تجد أن في هذا الحديث التحذير من ثلاث طوائف من أدعياء العلم :
-تحريف الغالين من الخوارج والمتصوفة والمأوِّلة ونحوهم فإنه أول ما بدأ الانحراف إنما هو بسبب الغلو بل أول ما بدأ الشرك إنما بدأ بسبب الغلو وتعرفون قصة القوم الذين بعث الله فيهم نوحاً عليه السلام، أول ما بدأ الشرك بسبب غلوهم في الصالحين كما بين ذلك حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما في قول الله تبارك وتعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا}[نوح:23] قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح لما ماتوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسونها أنصاباً ولم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسي العلم عبدت، ومما كان سبباً في ظهور الرافضة والخوارج هو الغلو، فالخوارج غلو في آيات القرآن وتركوا الأحاديث النبوية وفسروا الآيات بحسب أهوائهم وغلوهم وردوا أكثر الأحاديث بعقولهم وشاركتهم في ذلك المعتزلة والجهمية ومن نهج نهجهم من الطوائف المنحرفة فحرفوا النصوص لتوافق أهوائهم ولتوافق غلوهم وبعدوا بها عن منهج السلف وعن فهم السلف الصالح والله تبارك وتعالى يقول: {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء:115]
وهل قتل عثمان رضي الله عنه إلا بالغلو؟ بتحريف الغالين. وهل قتل علي رضي الله عنه إلا بتحريف الغالين؟ وهل تجهمت الجهمية ورفضت الرافضة واعتزلت المعتزلة واستبطنت الباطنية وانحرفت المنحرفة أياً كانت إلا بسبب تحريف الغالين؟
فلنَحذر وهم موجودون الآن في الفضائيات وعبر زبالات الإنترنت وغير ذلك من الغلاة الذين يفتون بغير علم فيَضلون ويُضلون لأنهم قُطاع طرق، فإياك أن تأخذ بفتاواهم مثل الذين يبيحون قتل المسلمين أو المعاهدين أو الذميين أو المستأمنين ونحو ذلك من الفتاوى الضالة التي تصدَّر من خلف الكهوف ومن وراء الآكام ومن الإستراحات ومن البساتين والحدائق ومن المخيمات الغالية، وميزة منهج السلف الوضوح، أنهم يدعون إلى أمر واضح بيِّن المعالم، لا يدعون تحت الشجر وفي بطون الأودية ويختبئون بالشباب ويملون عليهم أفكارهم الفاسدة وآراءهم الكاسدة كما فعل التكفيريون ونحوهم من الغلاة، فلنحذر من هذا الصنف، ولذلك حذَّر النبي - صلى الله عليه وسلم - من تحريف الغالين، وهؤلاء هم الغالون، فلنحذر من هؤلاء ولو ادعوا الصلاح، ولو ادعوا العلم، ولو ادعوا التنسّك، ولو كانوا صواماً قواما،ً والخوارج جباههم كالثفان من كثرة السجود لكنهم على ضلال وقد أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهم يقرئون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يعودون إليه حتى يعود السهم إلى فوقه - أي إلى عكسه - وهم أخطر ما يكون على الأمة لأنهم يتكلمون باسم الدين وهنا الخطر، الخطر أنهم يتحدثون باسم الدين والدين منهم براء ولذلك حذر النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم وقال :" لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وهم شر قتلى تحت أديم السماء وخير قتيل من قتلوه وإن لمن قتلهم أجرا " وسماهم النبي - صلى الله عليه وسلم - كلاب النار ، ووصفهم بأنهم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان سيماهم التحليق .
ومن علاماتهم أنهم يفتي بعضهم بعضاً ولا يرجعون إلى علماء المسلمين الربانيين الذين يقضون بالحق وبه يعدلون، وما أكثرهم في هذا الزمان لا كثرهم الله، وقد أساؤوا إلى سمعة المسلمين، فالإسلام الذي كان ينتشر في الغرب بطريقة عجيبة وكانت هناك آلاف المدارس في أوروبا وأميركا وغيرها وكلها أغلقت بسبب فعل هؤلاء الخوارج الذين هم من الغالين، وكم فقد من خير وكم أغلقت من مدرسة وكم أغلق من معهد بسبب تبنيهم ما يسمى بالبطولات والتضحيات والتفجيرات وهي انتحار، أنظر إلى ما يجري الآن في باكستان وفي بعض البلاد من تفجير، وإن كنا لا نقر قتل المستأمنين لكن أكثر ما يقع القتل في من؟ في المسلمين ، أكثر القتلى من المسلمين. يأتي في ميدان وينسف من حوله بدعوى مجاهدة الكفار وهو يقتل المسلمين.
**وداوني بالتي كانت هي الداء**
هل أرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - من يقتل يوم أن كان المسلمين مستضعفين في مكة وقد قتل والد عمار وأم عمار وفُعل بالمسلمين ما فُعل ، هل أرسل أحداً يغتال بين المشركين ويستعديهم على المسلمين وهم بهذه المثابة؟ وهل هذه التفجيرات إلا انتحار ولو سموها بطولات واستشهادات؟ والله ما خدمت إلا أعداء الإسلام وما خدمت الإسلام بشيء وما قدمت للإسلام شيئاً إلا أن أسلمت المسلمين لأعداء الإسلام من الكفار والمعربدين في أرض الله . هؤلاء هم الذين ينطبق عليهم تحريف الغالين .
-وانتحال المبطلين: المبطلون وإن كانت تنطبق على الغلاة وغيرهم لكن المتبادر إلى الذهن أن المقصود الملاحدة الذين يدعون إلى المروق من الدين من دعاة الإختلاط ودعاة التفرنج والتغرب ودعاة التشبه بالكفار ودعاة الإنسلاخ من الدين بتركه شيئا فشيئاً حتى يصبح الناس بلا دين والعياذ بالله وهذا ينطبق على أصحاب العلمنة السفهاء الذين جندهم الغرب لمسخ المسلمين وتحويلهم إلى قردة وخنازير ، نعم هذا ينطبق على بعض كتاب الصحف المارقين من الدين والذين يريدون أن يمرق الناس مثلهم ، هذا ينطبق على بعض أرباب الفضائيات الذين أفسدوا الدنيا والدين ، هذا ينطبق على بعض المواقع العنكبوتية (الإنترنت) التي تبث الخنا والمجون والخلاعة وتريد من الناس أن ينسلخوا من دين الله الحق ، والله لو أن هذه السهام موجهة لغير الإسلام لذهب واضمحل من أيام طويلة ولكن يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون، ولو كره المشركون، ولو كره العلمانيون، ولو كره دعاة الإختلاط، ولو كره دعاة التفرنج، ولو كره دعاة التغرب، ولو كره دعاة الإنسلاخ من الدين ، فهؤلاء هم المبطلون دعاة الإنسلاخ من الدين فإنهم يشكلون خطراً عظيماً على الأمة وهم يتكلمون بكلامنا وبلغتنا ومن بني جلدتنا ومن أخطر الأمور أنهم يحرفون النصوص من أجل أن تتمشى مع أهوائهم بل ربما بنوا بعض أمورهم على نص حرفوه ولا وتلاعبوا به.
وهناك طائفة الآن ظهرت حديثاً هي تخدم هذا الصنف من أصحاب العلمنة ودعاة التفرنج والتغرب ، هذه الطائفة تدعي أنها تدعو إلى الإسلام مثل الجماعة التي تسمى بــ (صناع الحياة) ومبدؤهم التنازل عن بعض مسائل الدين شيئاً فشيئا من أجل أن يرضوا الغرب {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}[البقرة:120] فيبيحون الغناء ويبيحون التمثيليات ويبيحون الإختلاط مع النساء ويضحكون معهن ويضاحكونهن ويتمجنون حتى بأصواتهم ويقلدون أصوات النساء ، إذا سمعت بعضهم كأنك تسمع صوت امرأة وهو يدعي أنه داعية إلى الله !! ويجول في الأرض طولاً وعرضاً، وهذا مسخ للدين ، هذا مسخ للنصوص الشرعية، بل وصل به الحال زعيم تلك الجماعة التي فتن به خاصة النساء في هذه الأيام وبعض الناس فتنوا به فتنة عظيمة لأنه يعطيهم ما يهوون من الإختلاط وجواز المصافحة -التي تؤدي إلى المسافحة- وما إلى ذلك ، وباسم التقدم وباسم أن نريد أن نقدم الإسلام للغرب في قالب جديد وهو يتنازل عن الدين شيئاً فشيئاً . تُنقض عرى الإسلام عروة عروة إذا نشأ في الإسلام من لا يعرف الجاهلية، وهؤلاء يشكلون خطر كبير لأنه يسمون أنفسهم دعاة ، أباحوا المصافحة، أباحوا كشف الوجه، أباحوا الغناء، أباحوا التمثيليات، أبحوا الإختلاط مع النساء، أباحوا أن يقابلوا النساء وجهاً لوجه، أباحوا وأباحوا.. مما لا يمكن حصره، وهذا أمر في غاية الخطورة وأخشى أنهم مجندون من قبل أعداء الإسلام من قبل الماسونية أو الروتاري أو نحو ذلك هذا الذي نخشى منه وهؤلاء هم المبطلون، يخدمون المبطلين، يخدمون دعاة الإنسلاخ من الدين ، ويفتون بترك صلاة الجماعة وأنها مجرد سنة ، هم والله ما قصدوا اتباع الأئمة الذين أخطئوا وأفتوا بذلك وإنما قصدوا الإنسلاخ من الدين، وأباحوا الربا، وأباحوا معاملات ربوية كثيرة يعني أشياء لا تكاد تحصى والعياذ بالله، وهم يُعتبرون في بعض الأوساط دعاة يدعون إلى الله قالوا نحن نريد أن نقدم الإسلام في قالب جديد !! والقالب الجديد هو التنازل عن كثير من الشرع! وهذا مسخ بكل ما تحمله الكلمة من معنى .
-وتأويل الجاهلين: تأويل الجاهلين ينطبق على كثير ممن أوَّلوا النصوص كمأولة الأسماء والصفات وإن كان هؤلاء قد يشاركون الصنفين السابقين فيما هم فيه من بعد عن الدين ولكن هم أيضاً خطرون، لأن الجاهل عدو نفسه قبل أن يكون عدواً لغيره، وكثيراً ما تسبب الجهل في أن ينساق الجاهل إلى أن ينقاد للطائفتين الأوليين: (المحرفين والمبطلين)، فيستخدمون هؤلاء الجهال لتنفيذ مآربهم ولتنفيذ مخططاتهم التي يهدفون بها إلى هدم الإسلام وإيذاء المسلمين، ولكن الله ناصر دينه ومُعلٍ كلمته والعاقبة للمتقين ولن نكون من الآيسين .
أما ماذا تفعل أيها الأخ الذي تعيش في بلاد لا يوجد فيها علماء ؟ الآن ولله الحمد كما قلت لكم عندنا وسائل كثيرة لكن عليك أن تختار العلماء الربانيين الذين يبتعدون عن هذه الأشياء الثلاثة وعلاماتهم هي ما يأتي :
علامات العلماء الربانيين :
أولا: تقديم النقل على العقل ، تقديم النصوص الشرعية وتحري الحق والصواب .
ثانياً: البعد عن التعصب لآراء الرجال .
ثالثاً: التعويل على فهم السلف للنصوص الشرعية على التركيز على فهم السلف الصالح ، هناك الآن دعوة إلى حرية الفهم والبعد عن مفاهيم السلف الصالح وهذا مسخ والعياذ بالله والله عز وجل يقول {وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا}[النساء:115] .
الأمر الرابع: بعدهم عن البدع .
الأمر الخامس: حبهم للسنة ولظهور السنة .
الأمر السادس: من علاماتهم عدم التسرع في الفتوى حتى يتأكدوا من ا لنصوص التي يستندون عليها .
من علاماتهم أيضاً: حب الخير للناس .
من علاماتهم أيضاً: البعد عن حظوظ النفس .
من علاماتهم أيضا: الظهور وعدم الخفاء لا يدعون في استراحات خاصة أو في الوهاد والجبال والكهوف !!
لا ، يدعون في كل مكان لأنهم يدعون إلى دين الله الحق الواضح الظاهر، يقول سفيان بن عيينة رحمه الله : "إذا رأيت الناس يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة". إذا رأيت الناس يتخافتون فاعلم أنهم على ضلالة ، ديننا دين ظاهر دين واضح مثل ما ذكر لنا أحد المشايخ ، أنه طلبه بعض الشباب لينصحهم وليوجههم وكلما أرادوا أن يجلسوا في مكان قالوا : لا هذا المكان مكشوف !! لا لا لا هذا المكان ما يصلح !! هيا بنا إلى الوادي الفلاني ، يقول : فلما رآى توجههم قال : أنتم ممن تخافون ؟!! عندكم شيء تخفونه ؟!! هيا بنا ، أنا أريكم المكان المناسب فأخذهم وأدخلهم المسجد بيت الله ووعظهم في ذلك المسجد ، كانوا يبحثون عن أودية خفية سحيقة !! طيب تخاف من ماذا ؟!! أكثر الذين يتخفون بدينهم هم أهل ضلال سواء كانوا أهل إفراط أو أهل تفريط، فاحذروا منهم جميعاً واحفظوا هذه العلامات فإنها علامات العلماء الربانيين الذين يؤخذ عنهم العلم فإن هذا العلم دين فاعرفوا عمن تأخذون دينكم .
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقني وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق